((في خضم أيام الدراسة الطويلة..
وفي وسط أسبوع دراسي مرهق..
وتحديداً في فناء المدرسة الثانوية النموذجية..
وبعد طابور الصباح الرتيب .. وقف حمد وسليم عند باب المدرسة..
يلومان نفسيهما ويعاتبانها بعد هذا التغيب عن اليوم السابق..
لاسيما أن والديهما قد أخبروا المدير أنهما لم يكونا في البيت..
وأخذا يفكران بالعقاب الذي ينتظر كل منهما..
لاسيما وأن المدير معروف بتشديده على هذا الأمر..
وبينما هما غارقين في التفكير..
إذ بوكيل المدرسة يطلب منهما الدخول إلى غرفة المدير ..قائلاً:
(اذهبا إليه وأحسنا الكلام معه عله يخفف عنكما العقوبة
فهو كما يبدو أنه غاضب جداً)..
هوى قلبيهما عند قدميهما بعد كلام وكيل المدرسة..
وذهبا بتثاقل وهما يفكران بجواب ينجيهما من العقوبة المنتظرة..
وفجأة سأل حمد صديقه سليم: (ماذا ستقول له)؟
أجابه سليم بتلقائية: (سأقول له ما يقوله كل من هو في مثل موقفنا)..
فكر حمد قليلاً ثم قال: (أما أنا فسأقول له الحقيقة وليحصل ما يحصل)..
صرخ سليم في وجه صديقه: (أما تخشى من العقوبة)؟
فرد عليه بثقة: (نعم أخشى ولكن هذه مبادءي وأخلاقي)..
وكانا قد وصلا عند باب المدير واستأذنا في الدخول..
فأذن لهم المدير بالدخول ولكنه لم ينظر إلى وجهيهما..
مما أثار الخوف والترقب لدى الإثنان..
ولكن المدير أراحهما من ذلك الشعور عندما قال: (لماذا تغيبت
عن المدرسة يا سليم)؟
فأجاب سليم بسرعة: (كنت مريضاً وذهبت إلى المركز الصحي)..
فرمقه المدير بنظرة جمدت الدم في عروقه ووجه السؤال لحمد: (وأنت)؟
أجاب حمد بعد فترة بسيطة وبهدوء: (لا يوجد لدي عذر وإنما أخطأت
في حق نفسي)..
هنا صمت المدير فترة طويلة وأخذ يفكر مما جعل حمد وسليم
يفكران بأنواع العقوبات المنتظرة..
ولكن المدير قطع عليهم تفكيرهم بقوله: (انتظر في الخارج يا حمد)..
فرح سليم بذلك وظن أنه قد نجا وأن المدير سيعاقب حمد
ويجعله يذهب..
ولكنه أدرك أنه على خطأ حينما قال له المدير: (لماذا كذبت
علي يا سليم)؟
سكت سليم ولم يرد من فرط الدهشة وعدم التصديق والخوف..
وهنا قال له المدير: (سنخصم عليك من درجات السلوك وستوقع تعهداً
وسوف يعاقبك والدك بطريقته أيضاً)..
هنا تكلم سليم: (ولكن كيف عرف والدي بالموضوع)؟
رد عليه المدير بتلقائية: (لقد اتصلت عليه هذا الصباح لأسأل عن غيابك)..
خرج سليم بعد وقع التعهد وهو يعض أصابع الندم ويلوم نفسه أشد اللوم.
وأتى الدور على حمد الذي كان خائفاً ومتأملاً في نفس الوقت..
ودخل على المدير الذي استقبله بابتسامة صافية..
وقال له : (أتدري ما الذي أنجاك من العقوبة)؟
رد حمد بعد تفكير قصير: (ربما لأنني قلت الحقيقة)!؟
قال له المدير: (ليس هذا فحسب,وإنما لأنك كنت ثابتاً على مبادئك وأخلاقك
ولم تلتفت لأقوال الغير .. ولكن هذا لا يمنعني من معاقبتك)..
لم يفهم حمد قصد المدير ولكنه أجاب بسرعة: (أنا أستحق العقوبة)..
أخرج المدير ورقة تعهد وأشار له بتوقيعها..
وقع حمد التعهد واستأذن المدير في اللحاق بالحصة..
وفي الطريق إلى الفصل شكر حمد ربه على خروجه من هذا
المأزق بأقل الأضرار وبفضل صدقه ومبادئه الأصيلة..))